تحطيم السقف الزجاجي: أهمية القيادة النسائية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

تحطيم السقف الزجاجي: أهمية القيادة النسائية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات 

من السهل أن نتخيل، في ظل عصر التكنولوجيا المتقدمة للغاية والإنجازات العلمية الرائدة، أن قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (أو STEM) قد تجاوزت الصور النمطية التي عفا عليها الزمن والتمييز الجنسي. ومع ذلك، وبينما نقف على أعتاب عصر يَعِد بتقدم تكنولوجي غير مسبوق، يبقى السؤال ذاته قائمًا: لماذا لا يزال هذا المجال أشبه بالنادي الحصري للرجال؟"

قد لا تروق لك الإجابة.

اسمي كريستين لوينجتون، وأنا الرئيسة التنفيذية لشركة PIP International، وهي شركة رائدة في مجال التكنولوجيا الزراعية لإنتاج بروتين البازلاء، والتي تقوم بتسويق تكنولوجيا جديدة للاستخلاص. ولقد شهدت بنفسي كيف أن الأفكار المبتكرة الرائدة تتدفق بشكل طبيعي في البيئات التي يتم فيها طرح وجهات نظر متنوعة على الطاولة، حيث تجلب التجارب المختلفة أفكارًا مختلفة تساهم في الإبداع والإنتاجية والابتكار. 

وأثناء نشأتي، شكل عمل والدي في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات إلهامًا بالنسبة لي ... ولكن بالعودة إلى أيام طفولـتي، أتذكر سخرية مدرس الفيزياء للمرحلة الثانوية مني عندما قلت له أنني أريد أن أصبح مهندسة معمارية، فما كان منه إلا أن نصحني باختيار مهنة أكثر ملاءمة للفتيات.

ولاحقًا، عندما شققت طريقي من خلال كلية الهندسة إلى القطاع الصناعي، كان الرجال لا يزالون يهيمنون على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، ولا أظنها كانت صدفة أن أول فرصة نجحت بالحصول عليها لمقابلة عمل بعد تخرجي من الجامعة قد جاءت بعد أن قمت بتغيير اسمي في سيرتي الذاتية، من "كريستين" إلى "كريس".

وتستمر الصورة النمطية التي يهيمن عليها الذكور في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في تثبيط العديد من النساء الموهوبات عن ممارسة الوظائف في هذا المجال. إن هذه هي الصورة الظالمة والإقصائية التي أتحداها، بعد أن قضيت ما يقرب من 25 عامًا في هذا القطاع.

ربما ينبغي لنا أن نركز على بناء صورة أكثر إيجابية وشمولية للعمل في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) والتي من شأنها أن تجتذب المزيد من الفتيات إلى هذا المجال.

فعلى الرغم من انضمام المزيد والمزيد من النساء إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إلا أنني غالبًا ما أكون المرأة الوحيدة في الغرفة. لا شك أنه قد تم بذل جهود لإنشاء برامج مدرسية مستهدفة بتمويل تقوده الحكومة للمساواة بين الجنسين، كما أعرب المزيد من أصحاب العمل عن التزامهم بالمساواة كقيمة ومبدأ. ومع ذلك، فلا تزال المساواة بين الجنسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات متخلفة عما ينبغي أن تكون عليه - فوفقًا لتقرير المشروع التعاوني الوطني للفتيات لعام 2022، تشكل النساء 34% فقط من القوى العاملة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ربما يكون قد حان الوقت للتساؤل عن سبب دخول عدد قليل جدًا من النساء إلى مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؟ إنني أتحدى القطاع للتركيز على رسالة أكثر إيجابية من هذا التساؤل، كما أنني أعتقد أنه يمكننا اجتذاب اهتمام المزيد من الفتيات والنساء والاحتفاظ بهذا الاهتمام من قبلهن في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

إن الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) يبدأ في وقت مبكر من تعليم الطفل ويدعمه معلموه وأسرته. ولجعل الفتيات الصغيرات أكثر اهتمامًا بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، يجب أن نبين لهن بوضوح كيف يمكنهن النجاح في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من خلال تقديم نماذج إيجابية لهن.

إنها لحقيقة بأننا نحصل على ما نقوم بالتركيز عليه. وإذا ما ركزنا دائمًا على مدى صعوبة الأمر بالنسبة للنساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، فإننا بذلك نصور مسار العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) على أنه مسار صعب بالنسبة للفتيات الصغيرات. وإذا ما استمر تمثيل المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في التأخر، فكيف يمكننا التغلب على التحدي المتمثل في تمكين المزيد من النساء من الوصول لأدوار قيادية؟ إنه لأمر واضح، حيث تثبت الإحصائيات أن مجرد فرض المساواة بالقوة، والمطالبة بالتنوع وإغلاق الباب أمام الحلول آخر، لا يغني ولا يسمن.

لماذا من الضروري ضمان التنوع بين الجنسين؟ إن الجواب بسيط: فالتنوع يغذي الابتكار، والابتكار يغذي المزايا التنافسية التي تدفع عجلة التقدم. وليس من الضروري أن يكون الأمر بمثابة معركة بين الجنسين من أجل أدوار العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والقيادة، فالنتائج تثبت أن التنوع بين الجنسين يؤتي ثماره.

وتظهر الأبحاث أن فرق العمل المتنوعة، التي تقودها نساء، تنتج حلولًا أكثر ابتكارًا وغالبًا ما تؤدي إلى أداء تجاري أفضل. وتعتبر وظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) بمثابة خط الأنابيب للمواهب المؤهلة للأدوار القيادية. ولرؤية المزيد من النساء المؤهلات في مواقع قيادية، نحتاج إلى رؤية المزيد من الفتيات اللاتي يتبنين بشكل إيجابي الرياضيات والعلوم في وقت مبكر وذلك لاجتذاب اهتمامهن ومساعدتهن على البقاء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها جامعة بيبرداين أن الشركات التي لديها عدد أكبر من النساء في مناصب عليا كانت أكثر ربحية بنسبة 18٪ إلى 69٪ من المتوسط في شتى القطاعات التجارية.

عندما أفكر في أول يوم لي في الجامعة، كان هناك أكثر من 200 رجل في صف الهندسة الذي كنت أدرس فيه. كان الموضوع طريفًا بحق، إلا أن روح التنافسية لدي منعتني من رؤية هذا الجانب الكوميدي. وهنا أدركت القيمة العظيمة لوجود مرشد في حياة المرة، وكان الإرشاد هو المفتاح السري طوال مسيرتي المهنية.

لقد أصبح أستاذي بالسنة الأخيرة من الجامعي هو مرشدي الأول وهو الذي علمني قيمة التركيز والمواظبة، حيث كان يذكرني بأن الفرص كثيرة بل وغير محدودة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما علمني أهمية موازنة توقعاتي بالشكل السليم عند بناء مسيرتي المهنية.

ولم يكن لدي مرشدة قط، لأنه ببساطة لم يكن هناك أي مرشدة موجودة في ذلك الوقت. بدلًا من ذلك، كان لدي العديد من المرشدين الذكور المتميزين الذين فتحوا الأبواب وساعدوا في التغلب على الحواجز وإسقاطها. إن الرجال يمكن أن يكونوا أبطالًا مؤثرين، ورعاة، ومدافعين عن المرأة التي تسعى إلى إزالة الحواجز التقليدية وإحداث التغيير. إذًا فما النتيجة المحتملة لكل هذا؟ ببساطة، فالنتيجة هي ظهور المزيد من النماذج النسائية والموجهات والمرشدات القادرات على إلهام الجيل القادم من الفتيات لمتابعة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

إن وجود رؤية ما هو بمثابة جانب واحد فقط، ولكن رؤية تلك الرؤية بأنها قابلة للتحقق أمر مهم، خاصة في مستهل حياة فتاة صغيرة في طور اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان مسار العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو المسار الصحيح لها. فإذا ما رأت الفتيات المزيد من النساء في أدوار بارزة في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فسوف يبدأن في تصور أنفسهن هناك 

إنني أشجع بقوة على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ولا أشجع على فرض التغيير فرضًا قسريًا. إن ساحة اللعب ليست متساوية أبدًا في هذه الحياة، ولكن دعونا على الأقل نمنح المرأة الفرصة للعب!

وإنني أعتقد بأن أفضل طريقة لتحقيق تكافؤ الفرص تتمثل في التوجيه والرعاية، حيث يجب على القادة، بغض النظر عن جنسهم، توجيه النساء بنشاط لـدعم مكان عمل أكثر شمولًا، وهو ما يسلط بدوره ضوءًا إيجابيًا على صناعة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

إننا نطمح جميعًا لاتخاذ خيارات مهنية رائعة لأنفسنا - ونسعى قدر المستطاع لتجنب الندم الوظيفي والحياة المظلمة والكئيبة التي يتسبب فيها هذا الأمر.

ولكسر الحواجز الهيكلية السائدة في الصناعة والتي تساهم في إعاقة تقدم المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مثل: فجوة الأجور بين الجنسين، والافتقار إلى السياسات الصديقة للأسرة، وتكافؤ الفرص - فإننا نحتاج إلى إعادة التفكير في العوامل التي تسهم حقًا في خلق هذا التفاوت. 

إن الأمر لا يعود فقط الى الشركات لإصلاح أشكال التحيز والحواجز (أمام الإناث)، حيث تقع المسؤولية على عاتقنا فرادى، بغض النظر عن جنسنا. فمن خلال تبني عقلية مختلفة ونمط تفكير جديد يدعم زميلاتنا، وبناتنا، وأخواتنا، وعماتنا، وصديقاتنا اللاتي يخترن مهنًا بمجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، سوف يكون لدينا فرصة للنجاح في سد الفجوة.

ولكي نكون واضحين: فإن الطريق إلى التغيير ليس سهلًا بالمرة. فحتى يحدث التغيير، من المهم أن يكون لديك نزعة قوية وثابتة للاستمرار في طرح السؤال الحرج: "لماذا؟". إن الشركات تريد المزيد من الإنتاجية والابتكار وتحسين أماكن العمل مما يؤدي إلى أنشطة تجارية أكثر نجاحًا وربحية. وإنه لمن المفيد تبني فكرة التنوع. 

وبالتالي، إذا ما سلمنا بأنه من المفيد إزالة أشكال تحيزنا، والعوائق المنهجية والنظامية، والنواحي السلبية الشاملة المرتبطة بالنساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فكيف يمكننا أن نحسن من الوضع الحالي؟ إن العوائد الكامنة لشركاتنا، وقطاعاتنا التجارية، والمجتمع ككل، أكبر وأعظم من أن نتجاهلها.

فمن خلال استثمارنا بشكل جماعي في مستقبل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فإننا لا نستثمر في النساء فحسب، بل في إمكانات الابتكار غير المستغلة للتنوع. ومن يدري - لعل تخصص STEM سيصبح "ناد للفتيات" في المستقبل! من خلال الالتزام وبذل الجهود منا جميعًا، قادة ومؤسسين وموجهين وأفراد، يمكننا تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة.

نبذة عن كريستين لوينجتون

كريستين لوينجتون هي الرئيس التنفيذي لشركة PIP International، وهي تتمتع بخبرة في مجالات: الهندسة وإدارة المشاريع وأعمال صناعة الأغذية الزراعية تمتد لأكثر من عقدين من الزمن. وإن رؤيتها لشركة PIP ، بصفتها مؤسس لها ، تعتبر مثيرة للإعجاب بقدر ما هي ملهمة ، وإن البروتين المعزول الذي ساعدت في تخليقه يمثل ثورة في صناعة الأغذية.

قم بإنشاء حسابك الآن

قم بإنشاء حسابك الآن اشترك الآن للبقاء على اتصال بالنظام البيئي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والوصول إلى المحتوى الحصري وأخبار السوق واكتشاف المبادرات وذلك لإطلاق العنان للآفاق والفرص.

قد يعجبك ايضا