من التمويل إلى تكنولوجيا التعليم، كيف قامت أودري ناكاد ببناء شركة "أستاذ"

من التمويل إلى تكنولوجيا التعليم، كيف قامت أودري ناكاد ببناء شركة "أستاذ" 

مقابلات

الشريك المؤسس أودري ناكاد تسترجع ذكريات رحلتها نحو النجاح مع منصة تكنولوجيا التعليم "أستاذ"

إن أي رحلة ريادة أعمال تبدأ بمشكلة ما. وبالنسبة لأودري ناكاد، الشريك المؤسس لمنصة لتكنولوجيا التعليم "أستاذ"، فقد كان من الصعب عليها، باعتبارها معلمة خصوصية في كندا في أواسط العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، العثور على طلاب وكان صعبًا على الطلاب العثور عليها. “خسارة ألا يكون لدينا شركة مثل أوبر (Uber) للتعليم! لقد كنت أفكر في تأسيس مجتمع قوي للمعرفة بحيث يستطيع أي شخص لديه معرفة بموضوع ما أن يشارك هذه المعرفة مع غيره من الأشخاص الذين لا يعرفون."

وانطلاقًا من هذا الإدراك الأساسي، فقد بدأت ناكاد في تطوير برنامج جامعي للتدريس بين الأقران والذي نما بعدها ليصبح شركة "أستاذ"، وهي منصة تعليمية عبر الإنترنت وتطبيق للهاتف المحمول يربط الطلاب بمدرسين خاصين مؤهلين تأهيلًا عاليًا ويقدم مجموعة واسعة من المواد الدراسية والدورات الجامعية واللغات بل وحتى الاختبارات الإعدادية - وكل ذلك لاستكمال ودعم التعلم التقليدي. وبدءًا من الإصدار التجريبي المجاني، يتم تقديم حزم مرنة للمستخدمين بناءً على احتياجاتهم الفردية، مع القدرة على تقييم المعلمين ومراجعتهم. "نحن نقدم تعليمًا مخصصًا بناءً على ما تحتاجه في الوقت المناسب"، وتوضح ناكاد، التي تفخر بحقيقة أن أستاذ لا تجمع بين المعلمين والطلاب فحسب، بل تشارك بنشاط في ضمان جودة التعلم. وتشرح ذلك قائلة: "نحن نتأكد من أن لديك خطة تعليمية تحتوي على المهام المناسبة والمحتوى المناسب، ونقوم بالمتابعة، وبالتالي فكل مستخدم لديه مستشار تعليمي مخصص"، مضيفة بأن "الهدف هو جعل التعليم في متناول الجميع. ولذلك، فلدينا نطاق سعري واسع يستوعب الجميع حيث أنه ليس مرتفعًا للغاية. كما أننا نعمل بشفافية تامة”.

البصمة الجينية لريادة الأعمال

واقتناعًا منها بأن هناك حاجة كبيرة لمثل هذه المنصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يحظى التعليم بتقدير كبير ولكون الدروس الخصوصية مطلوبة، فقد أطلقت ناكاد مبادرة "أستاذ" مع زينة سلطاني، والتي أصبحت حاليًا مديرة التسويق بالشركة، خارج موطنها لبنان في عام 2016.

وتضحك ناكاد عندما نسألها عن كيفية إدارتها للتحول من التعليم الكلاسيكي إلى بيئة التكنولوجيا، فتقول: "لقد كان ذلك كابوسًا (في البداية)! فقد سخر مني أصدقائي لأنني كنت بالكاد أستطيع استخدام الكمبيوتر في ذلك الوقت. لكنني أخذت الأمر على أنه تحدي. وتقول: "عندما يكون لديك رؤية، فإنك تركز على الهدف النهائي وهذا ما يجعلك تستمر".

لقد كانت ريادة الأعمال تجري في دمها، تماما مثل والدها وجدها،. وفي الواقع، كانت قد باعت بالفعل شركتها الأولى حينما قامت بإطلاق شركة أستاذ في سن الرابعة والعشرين. وتتذكر قائلة "أثناء متابعة دراستي، التحقت ببرنامج ريادة الأعمال في مونتريال، حيث كان علي إنشاء مشروع تجاري في بحر ثلاثة أشهر. وإذا ما نجحت، يمكنني ترك الجامعة والاستمرار في العمل. وقد نجحت! لكن كوني من خلفية شرق أوسطية، فلم يسمح لي والدي بترك درجة البكالوريوس، لذلك قمت ببيع مشروعي".

وقد تم تطوير شركة "أستاذ" بنفس روح التعلم السريعة. تقول ناكاد: "كنت أبحث عن المشروع عبر الإنترنت عندما اكتشفت وجود مسرعات الأعمال"، موضحة أنها تقدمت بعد ذلك لبرنامج تسريع أعمال مدته ثلاثة أشهر في لبنان، مما أدى إلى اختيارها لبرنامج مكثف آخر في وادي السيليكون. وتقول: "لقد ساعدني هذا في تسريع رحلتي في مجال ريادة الأعمال والبدء بالطريقة الصحيحة".

كانت الخطوة التالية بالنسبة لناكاد هي العثور على شريك في التأسيس يتمتع بمجموعة المهارات التقنية المناسبة، الأمر الذي مثل تحديًا كبيرًا، سيما "بالنسبة لشخص يأتي من خلفية غير تقنية، مع القليل من الموارد"، كما أوضحت. "لكنني تعلمت أنه يتعين عليك بيع رؤيتك، ومنحهم الملكية والأسهم حتى يشعروا كما لو أنهم جزء من شيء كبير. وهذا ما فعلته!" حيث يشغل فارس سمارة الآن منصب المدير التنفيذي للتكنولوجيا في شركة أستاذ .

وبمجرد اختبار منتجه الأولي بنجاح في جامعة لبنانية تلو الأخرى، أدركت ناكاد أن الإمكانات الحقيقية تكمن في النظام المدرسي، حيث يمكن للمنصة الوصول إلى جمهور أصغر سنًا ولفترة أطول. وفي الوقت نفسه تقريبًا، أطلقت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي (KHDA)، المسؤولة عن نمو وجودة التعليم الخاص بالإمارة، برنامجًا مع مسرعات دبي المستقبل، وهي مبادرة تهدف إلى تسهيل التعاون بين الشركات الناشئة، الجهات الخاصة، والحكومة ، حيث دفعت هذه الفرصة ناكاد وفريقها إلى الذهاب ومحاولة تكرار نموذجهم في دولة الإمارات العربية المتحدة. ولقد كانت الخطوة المناسبة في الوقت المناسب.

واليوم، فشركة "أستاذ" نشطة في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والمملكة العربية السعودية، وهي تعمل على خدمة المستخدمين في 42 دولة مختلفة، حيث تتم 80% من أنشطتها عبر الإنترنت و20% منها بالحضور الشخصي. وتضم المنصة 60 ألف عميل يشكلون 70% من تلاميذ المدارس الذين يبدأون الصف الأول و30% من طلاب الجامعات/البالغين المهتمين بتعلم مهارات أو لغات جديدة، بالإضافة إلى 1000 معلم، تم اختيارهم بعناية مسبقًا،  بالإضافة إلى ما يقرب من 50 موظفًا بدوام كامل. كما أبرمت شراكات مع خمس شبكات مدرسية وعشر جامعات في المنطقة. تقول ناكاد: "عندما تفشى الوباء، قررت شركة Inspired Education التعاون مع أستاذ لتوفير الدعم التعليمي ما بعد المدرسة، وكان هذا تحولًا جذريًا في مسيرتنا. لقد كان هناك تأثير الدومينو، حيث قمنا بالتوقيع مع كل من: تعليم، والدار للتعليم، وغيرهم».

مستقبل التعليم

وقد جمع فريق العمل 4 ملايين دولار حتى الآن ويخطط لجولة أخرى قريبًا من جمع التمويل. غير أنه منذ أن وصلت الشركة إلى الربحية في يوليو الماضي، فإن أي استثمار جديد سيهدف لإضافة أسواق جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي، فضلًا عن إضافة قدرات جديدة. وعلى سبيل المثال، تعمل أستاذ على وظائف الذكاء الاصطناعي لتقييم الطلاب وإنشاء محتوى من شأنه تقليل عدد الجلسات المطلوبة مع المدرس المباشر. وتستفيد المنصة بالفعل من الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستخدمين في العثور على الجامعة المناسبة على مستوى العالم، والخطة الدراسية المناسبة، وكتابة خطابات التقديم المتصلة بطلبات الحصول على الوظائف.

إن هذا الإبداع يعد أمرًا بالغ الأهمية لقدرة أستاذ على الصمود والمرونة على المدى الطويل. فبعد الوباء، ازدهرت مساحة التعلم عبر الإنترنت وازدادت المنافسة، لكن ناكاد ترى أن ذلك أمر إيجابي."عندما بدأنا، كان علينا أن نعمل كثيرًا على التوعية. أما الآن، فقد أصبح الناس أكثر وعيًا وقبولًا أكبر للتعلم عبر الإنترنت"، مؤكدة على كيفية تركيز أستاذ على إبقاء الطلاب منخرطين بطرق إبداعية. "إن اللعب أمر مهم، خاصة مع الأطفال الأصغر سنًا. فعبر الإنترنت، يمكننا الحصول على جلسات مدتها 30 دقيقة بدلًا من الساعة التي يمضيها المعلم الخصوصي عندما يحضر شخصيًا. وبالتالي فيمكننا أن نفكر خارج الصندوق من حيث المحتوى ومنهجية التدريس".

لقد تطورت ناكاد لتصبح رائدة أعمال ذكية حيث أن لديها العديد من الدروس التي يمكن مشاركتها معنا: "التحدي الأول هو بناء الفريق والثقافة المناسبين. وتوضح بأن التحدي الثاني يتمثل في جمع الأموال بالإضافة إلى العثور على شركات رأس المال الاستثماري المناسبة والتي تفهم ما نقوم بفعله وتضفي قيمة مضافة إليه. تقول ناكاد: "إنه أسوأ من الزواج! حيث قد ينتهي بكما الأمر معًا لمدة خمس إلى سبع سنوات على الأقل، وإذا لم تتفقا، فقد يؤدي ذلك إلى خلق الكثير من الاحتكاك. ولقد كنا محظوظين لأنه كانت لدينا علاقات رائعة”.

وفي نهاية المطاف، "باعتبارك رائد أعمال، فإنه يتم جذبك بعيدًا في اتجاهات عدة. وبمجرد أن يفقد رائد الأعمال التركيز، تضيع الشركة ويضيع الموظفون. لذا، فعليك أن تواصل تركيزك على ما يهم حقًا.

قم بإنشاء حسابك الآن

قم بإنشاء حسابك الآن اشترك الآن للبقاء على اتصال بالنظام البيئي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والوصول إلى المحتوى الحصري وأخبار السوق واكتشاف المبادرات وذلك لإطلاق العنان للآفاق والفرص.

قد يعجبك ايضا