بقلم: نيربيك جويل، المدير التنفيذي للموارد البشرية لدى «في إف إس غلوبال»
أدى "الوضع الطبيعي الجديد" الناجم عن انتشار الوباء إلى ظهور خيارات العمل عن بعد والعمل الهجين، ما دفع الموظفين لإعادة تقييم أهدافهم. ويؤدي تحسين ميزات المرونة في مكان العمل، إلى تشجيع المزيد من القوى العاملة لاستكشاف قطاعات ووظائف جديدة. نتيجة لذلك، لم تعد التعويضات المجزية كافية للاحتفاظ بالموظفين في سوق تنافسي. كشف استطلاع أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز، أن 30% من الموظفين في الشرق الأوسط يتطلعون "باهتمام شديد" أو "باهتمام" للبحث عن وظيفة جديدة في العام المقبل. وبحسب هذا الاتجاه الذي يطلق عليه اسم "الاستقالة الكبرى"، تتجه القوى العاملة لوضع التوازن بين العمل والحياة وفرص تحسين المهارات المهنية والمرونة على رأس أولوياتها.
يتجاوز تأثير الاستنزاف مجرد فقدان الموظف على المدى القصير، حيث تعتبر بمثابة تكلفة إضافية تتحمل عبأها الشركة، بالإضافة إلى تأثيرها على معنويات الموظفين بشكل عام. ومع استعداد ثلثي القوى العاملة الإماراتية للبحث عن وظيفة جديدة عام 2022، يجب على الشركات محاكاة نهجها المتمثل في التركيز على ضمان رضا العملاء، وتطبيقه في علاقاتها مع الموظفين، حيث تعتبر بمثابة محرك نمو مرتبط بالإنتاجية والإيرادات.
يُعد الرأسمال البشري من أهم موارد الشركة، ومن المهم كسب ثقة الموظفين وإيمانهم بالشركة لضمان الولاء، حيث تصبح استراتيجية "الاحتفاظ بالموظف حتى سن التقاعد" "Hire to Retire" ضرورة حتمية. وتعتبر استراتيجية (H2R) إحدى مسؤوليات قسم الموارد البشرية، تتضمن مجموعة من العمليات للحفاظ على الموظف ضمن فريق عمل الشركة حتى سن التقاعد. فيما يلي خمس طرق لمساعدتكم في الحفاظ على أفضل الكفاءات اليوم:
الاهتمام بالمسار المهني للموظف
وفقًا لبحث حديث أجراه روبرت هاف، يعتقد حوالي أربعة من كل عشرة موظفين أن حياتهم المهنية قد توقفت مؤقتاً منذ الوباء. بالنسبة للموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، ترتفع النسبة إلى 66%. وأشار حوالي نصف المجيبين الذين صرحوا عن توقف مسارهم المهني، إلى معاناتهم من الركود على مستوى الأجور أو الترقيات أو تطوير المهارات. وترسم الترقيات الداخلية مساراً واضحًا لزيادة الأجور وزيادة المسؤوليات، بالإضافة إلى تعزيز شعور التقدير لدى الموظفين والاستثمار في الجهود الهادفة لضمان نجاح الشركة. وفقًا لاستطلاع Mercer Global People Trends لعام 2022، أشار أكثر من ثلث الموظفين إلى أن العلامة التجارية للشركة وسمعتها، فضلاً عن آفاق التقدم الوظيفي العادلة.
الاستثمار في تدريب الموظفين وتطوير كفاءاتهم
يرى الموظفون أن التدريب هو استثمار يرتقي بكفاءاتهم ومحفز قوي للبقاء، حيث يطمح الموظفون للعمل في شركة تشجعهم على التقدم، وبغير ذلك سيغادرون مناصبهم حتماً، والانتقال إلى شركة أخرى تقدر جهودهم. وتوفر برامج التدريب والتطوير مجموعة متنوعة من المزايا، مثل تعزيز مشاركة الموظفين، وتعزيز الابداع، وتزويد الشركة بميزة تنافسية.
وفقاً لتقرير Mercer، تقوم العديد من المؤسسات (42%) بتغيير إستراتيجية المواهب للتركيز أكثر على الكفاءات الداخلية واستخدام الوظائف المؤقتة. وقد حققت الشركات هذا الهدف من خلال الاستثمار في برامج التعلم وتوفير الخبرات الداخلية لسد الفجوات في المهارات.
تقدير جهود ومساهمات الموظفين
ويتمثل هذا التوجه في الاحتفال بالنجاحات والاستمتاع بهذه الإنجازات، سواء أكمل الفريق مشروعًا مهمًا أو للاحتفال بذكرى انضمام الموظف إلى الشركة. كما يمكن اتباع هذه الإجراءات افتراضياً، حيث تعتبر من العوامل المساهمة في تعزيز مستوى رضا الموظفين وفرصة لتوثيق الروابط بينهم.
اعتماد منهجية التواصل
سلط الوباء الضوء على ضرورة التواصل الفعال في مكان العمل، لا سيما بين المديرين وفرقهم. يجب على المديرين التأكد من بذل كل ما في وسعهم لتشجيع التواصل وتعزيز مستويات الانتاجية وضمان استمتاع الموظفين العاملين في الموقع أو عن بعد بالمشاركة في مهامهم الوظيفية. يجب على المديرين نتظيم سجلات الحضور للتعرف على عبء العمل ومستويات الرضا الوظيفي.
تعزيز التوازن بين العمل والحياة
يرتبط الرضا الوظيفي بالتوازن الصحي بين العمل والحياة. يحتاج الموظفون إلى تفهم المسؤولين لضرورة القيام بمهامهم الحياتية، مع الإدراك بأن العمل من المنزل يجعل التوازن بين العمل والحياة أمر أكثر صعوبة. ويجب في إطار توفير ساعات العمل المرنة، والحد من الاجتماعات غير الضرورية، ومنع العمل بعد ساعات الدوام الرسمي، والتوقف عن طلب المزيد من الأعباء. يجب تشجيع الموظفين على وضع الحدود اللازمة للحفاظ على توازنهم الوظيفي وأخذ إجازات على فترات منتظمة. يمكن في هذا الإطار، زيادة أيام الإجازات للتعويض عن العمل المتأخر في الليل.
وتؤدي فرص نمو الموظفين داخل الشركات إلى القضاء على مخاوف الاستنزاف العالية، والحد من مستوى الاستقالات ورفع نسبة الموظفين الذين يستمرون بالعمل في الشركة لفترة طويلة.
من المهم اتباع نهج شامل وتنفيذ أفضل الممارسات لخلق ثقافة جذابة في مكان العمل. قد يغادر بعض أعضاء الفريق الشركة حتماً في وقت سريع، إلا أن أصحاب العمل بإمكانهم جعل هذا الخيار أكثر صعوبة. كما أن استقالة الموظف الذي يشعر بالاحترام والدعم، ستدفعهم حتماً للحديث عن شركاتهم بشكل إيجابي، ومن يدري، ربما يعودون إلى العمل في الشركة مستقبلاً.