عندما تأسست سمارت كراود في الإمارات العربية المتحدة في عام 2018، كان مفهوم التمويل الجماعي لا يزال إلى حد كبير مفهومًا دخيلًا بالنسبة للناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أما القيام بعمليات تمويل جماعي في قطاع العقارات؟ فإن شيء جديد بالكامل على الساحة ويكاد لم يسمع به أحد من قبل.
لقد أدرك مؤسس الشركة صديق فريد أن الأفراد في المنطقة لديهم خيارات محدودة لاستثمار أموالهم. فالاستثمار في قطعة واحدة من العقارات، على سبيل المثال، كان أمرا جيدًا وطيبًا، لكن هذا يعني أن المستثمر سيكون لديه الكثير من الأموال المحتجزة في أصل واحد أو أنه سيضطر إلى اقتراض المال، مما يزيد من مخاطر الاستثمار. وقد دفعت كل هذه الأمور السيد صديق - بعد أن أدركها - إلى إيجاد الحل لهذه المشكلة، سيما كونه محاسبًا قانونيًا مدربًا تدريبًا مهنيًا، وكونه حائزًا على شهادة محلل مالي معتمد، ولديه اهتمام بالاستثمار.
كما أدرك صديق أن الكثيرين يكافحون للوصول إلى العقارات لأنها تتطلب الكثير من رأس المال، وقد لا يكون لدى المستثمرين المحتملين القدرة على الحصول على الصفقات أو أن لديهم الكفاءة والخبرة اللازمتين لتقييم الفرص.
وكانت النتيجة: سمارت كراود، وهي منصة تمويل عقاري رقمية جماعية تتيح للأفراد البدء مقابل 500 درهم إماراتي فقط، والحصول على فرص استثمارية تم تقييمها مسبقًا، وكلها مدعومة من قبل جهات خارجية فاعلة في السوق وبيانات عن السوق تابعة لتلك الجهات وتحليل للاستثمار، مما يسمح للمستثمرين بتعليم أنفسهم واتخاذ القرارات الخاصة بالاستثمار.
فمع سمارت كراود، يمكن للعديد من المستثمرين طرح مبلغ من المال مقابل عقار - حيث يتم الحصول على المال في الأغلب من الأفراد والوسطاء - مما يمنحهم حصة جزئية من ملكيته وأرباحه، ويتم انتقاء العقارات التي تصل إلى منصة سمارت كراود بعناية ثم تسجيلها وتقييدها من قبل فريد وفريق عمله (من اثنين إلى خمس عقارات في الشهر) لضمان الأصول عالية الجودة التي يمكن أن تحقق عوائد إيجابية للمستثمرين، مما يؤدي بدوره الى بناء الثقة، وإيجاد العملاء العائدين الذين يقدرون الخدمة.
كما أنه مع سمارت كراود، يتعرض المستثمرون لمخاطر أقل، مع قدرتهم على تنويع محافظهم الاستثمارية بمبالغ أقل من رأس المال عبر مختلف الأصول العقارية، حيث تعمل منصة سمارت كراود أيضًا على تبسيط عملية تحديد مصادر الصفقات للمستثمرين المحتملين، وكذلك تعليم وتثقيف مستخدميها حول تقييم فرصة الاستثمار، وبناء المحفظة الاستثمارية، وما إلى ذلك. ومن هنا جاء اسم علامتها التجارية: بناء جموع ذكية من المستثمرين العقاريين.
صديق فريد ، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة SmartCrowd
اجتياز اللوائح
مع أن المثل المشهور يقول بأنه "إذا ما قمت ببنائه، فلسوف يأتون"، إلا أنه في الواقع، عندما يكون ما تقوم ببنائه مفهومًا جديدًا تمامًا، فإن الأمر يتطلب الكثير من الجهد لإقناع وجذب المتبنين الأوائل.
فللبدء في عملياتهم والتحقق من صحة مفهومهم، كان على فريد أولًا الحصول على ترخيص من الهيئات التنظيمية المعنية، وهو ما ليس بالأمر السهل عندما تقوم بعرض نموذج أعمال جديد تمامًا في الدولة. فقد استغرق الأمر ما يقرب من العامين للحصول على ترخيص لسمارت كراود ومن ثم تشغيلها وفتحها للجمهور.
إن أقل ما يمكن قوله هو أن مشروع سمارت كراود واجه عقبة كبيرة في إقناع الهيئات التنظيمية المتواجدة حاليًا بالموافقة عليه. فمع الطفرة الكبيرة التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة في الابتكار خلال السنوات القليلة الماضية، لا سيما في مجال التكنولوجيا المالية، كان من الصعب جمع كافة أصحاب المصالح الخاصة والعامة المعنيين بالسرعة المطلوبة على نفس الطاولة، حيث يمثل ذلك تحديًا كبيرًا إلى يومنا هذا.
قال فريد في حوار له مع منصة أبوظبي للأعمال "أعتقد أننا لا نزال في عملية للتعلم، سواء بالنسبة للشركات [التي تقوم بأشياء جديدة] وكذلك بالنسبة للهيئات التنظيمية".
بناء قاعدة المستهلكين
بعد أن تم تنظيمها وترخيصها، فقد أصبحت سمارت كراود مصدر ضجة إعلامية، حيث أثارت اهتمام المستثمرين المتمرسين المهتمين بهذا النموذج الاستثماري الجديد، حيث استضافت سمارت كراود العديد من الندوات والمناقشات للمساعدة في تثقيف السوق، وتواصل فريد شخصيًا مع كل متبني من متبنيه الأوائل لإبلاغهم بما يظهر له من أنه "حل" لمشكلة حقيقية أولًا قبل أن يكون "منصة لشراء العقارات" ثانيًا.
قال فريد: "إن [بيع] العقارات، هو ليس ما [نحاول] القيام به هنا". فـ "نحن نقدم العقارات كحل".
"إن ما نحاول تعليمه للناس هو الانضباط المالي، وأهمية استثمار رأس المال، وأهمية فهم المخاطر مقابل العوائد، والمكان الذي تضع فيه رأس المال، وكيف تقوم بتخصيص وتوزيع رأس المال الخاص بك، لأنه بمجرد أن يفهم الناس ذلك، فإن المنتج تبيع نفسها بنفسها".
وهذا ما حدث بالفعل. فقد كانت طبيعة الاستثمار الممتد لسنوات متعددة تعني أن المستخدمين سيكونون بطبيعتهم عملاء على المدى الطويل، كما أن العوائد التي حققوها أقنعت الكثيرين منهم بالاستثمار بشكل أكبر. وقد لعب الكلام الشفهي المباشر أيضًا دورًا كبيرًا في زيادة حجم قاعدة مستخدمي هذه الشركة الناشئة، واليوم فإن الشركة تحصد النتائج.
وقد قدمت سمارت كراود لمستثمريها في شهر يوليو من العام الماضي عائدًا إجماليًا على مدار 17 شهرًا نسبته: 39.25٪ (دخل الإيجار + مكاسب رأس المال)، وهو ما يشكل عائدًا بنسبة 27.92٪ على أساس سنوي، وذلك بعد الافتكاك والتخارج من عقار الشقق الاستوديو بمارينا باي سنترال، في دبي مارينا. وكان قد تم شراء هذا العقار من قبل 53 مستثمرًا مقابل 530,000 درهم إماراتي في فبراير 2021 (لشقة الأستوديو الواحدة)، وبيعها بمبلغ 780,000 درهم إماراتي في يوليو 2022، مما أدى إلى زيادة إجمالي رأس المال بنسبة 47٪. كما حقق العقار صافي دخل لمستثمريه بلغ 74,330 درهمًا إماراتيًا، وهو ما يمثل صافي عائد سنوي قدره 10.04٪، مقارنة بمتوسط سوق دبي مارينا البالغ 6.20٪.
حيث أوضح فريد قائلًا: "إن هذا التخارج ما هو إلا واحد من العديد من عمليات التخارج التي قامت بها سمارت كراود منذ ذلك الحين، حيث يختلف كل استثمار في نتائجه عن الآخر". "لكن الرسالة الرئيسية تتمثل في أن التنويع في فئات الأصول الأخرى يضمن أن محفظتك الاستثمارية ستكون مبنية على أساس القدرة على تحمل أي تقلبات في السوق."
وقد أوضح فريد أنه بالمقارنة بوسائل وطرق الاستثمار الأخرى مثل سوق الأوراق المالية والعملات المشفرة، والتي تعد متقلبة للغاية تاريخيًا، فإن العقارات غالبًا ما تكون الرهان الأكثر أمانًا، والذي يوازن بين المخاطر في محافظ المستثمرين، مما يسمح لهم بتحقيق عوائد إجمالية أفضل.
تحقيق الربحية والنمو المستدام
وأما الآن وقد أصبحنا في عام 2023، فإن سمارت كراود لديها بعض الأهداف التي يتوجب تحقيقها، كما يخبرنا فريد.
فعلى الرغم من أن الشركة قد جمعت أكثر من 4 ملايين دولار بالفعل حتى الآن، إلا أنها لا تزال تهدف إلى تحقيق الربحية على مدى السنة إلى السنة ونصف القادمتين، يليها عملية جمع كبيرة للأموال وذلك لدفع الشركة قدمًا إلى الأمام.
قال فريد: "[نريد] أن نصبح شركة ذات تدفق نقدي إيجابي، لأنه بعد ذلك يمكنك التحكم في مصيرك". و"لا يتعين عليك الاعتماد بالضرورة على الأموال الخارجية من أجل البقاء. ولهذا ينصب تركيزنا فقط على الاستمرار في تنمية الأعمال".
كما أوضح أن سمارت كراود تسعى لتحقيق نمو مستدام "بمعنى أنني أفضل التخلي عن النمو بعشرة أضعاف ... وعوضًا عن ذلك سأكون سعيدًا بنمو بــ 5 أضعاف يصاحبه تحقيق للربحية. لأنه إذا كنت قادرًا على توليد تدفق نقدي إيجابي، وعلى أن تكون مربحًا، فلديك فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة ... وستكون قادرًا على النمو إلى الأبد. وبعد ذلك يمكنك أن تمنح نفسك أيضًا الكثير من الخيارات كشركة تجارية. سواء أكان ذلك يتمثل في التمويل مستقبلًا .. [أو] الاندماج أو الاستحواذ الاستراتيجي".