ميتافيرس قادر على رسم ملامح مستقبل القطاع المالي

ميتافيرس قادر على رسم ملامح مستقبل القطاع المالي 

حسن فردان الفردان، الرئيس التنفيذي لشركة الفردان للصرافة، يلقي نظرة على التأثير المحتمل للميتافيرس على القطاع المالي.

لا شك في أن معظم قادة الأعمال سمعوا من حين لآخر السؤال المتجدد: "كيف ترى مستقبل القطاع خلال عشر سنوات؟" هناك سبب وجيه لطرح هذا السؤال بشكل مستمر، ولكن التنبؤ بمجريات وتوجهات الأمس يتطلب رؤية استشرافية وحذرًا في الإجابة. 

على سبيل المثال، فإن جيل الألفية الذي انضم إلى قوة العمل حول العام 2008 في الوقت الذي ضربت فيه الأزمة المالية العالم، ركّز جهوده على سدّ الفجوة الرقمية مما أدى إلى سيطرة التكنولوجيا على الكثير من جوانب الحياة وتحول الإجراءات المصرفية التقليدية ومعايير القطاع المالي بطرق كان من الصعب التنبؤ بها.  

والآن تتطلع كبرى المؤسسات المالية التي تمتلك عقودًا من الممارسات المصرفية التقليدية إلى فرق التكنولوجيا لديها كي تعمل على دعم الابتكار واغتنام نهضة البيانات والتقنيات الجديدة في محاولة منها لتأمين حصة متينة في السوق أو توسعة نطاق تواجدها. وهذه الأولوية لطواقم الفرق التقنية هي واحدة من أساليب العمل التي لم تخطر على البال قبل عشرين عامًا. 

وهذا الحديث عن الابتكار يقودني إلى موضوع "ميتافيرس"، وهو كونٌ افتراضي ثلاثي الأبعاد يجمع بين الواقع الافتراضي والمعزز وتقنيات التواصل الاجتماعي لإيجاد بيئة محاكاة رقمية.  

ومع حدوث جائحة كوفيد-19 رأينا بالفعل تحولًا ملموسًا في ممارسات العمل اليومية والتي تجلّت من خلال إقامة الاجتماعات بشكل افتراضي سمح لأفراد فرق العمل من كل مكان الاجتماع في بيئة رقمية تفاعلية. ويمكن للميتافيرس أن يحقق امتدادًا لهذا التحول حيث بدأت عدد من المؤسسات بالفعل بالبحث عن طرق عملية تمكنها من الاستفادة من هذه الإمكانات بأكبر قدر من الفعالية. 

في البداية كان تبني تقنيات ميتافيرس مقتصرًا على مجالات الألعاب والترفيه، ولكننا نلاحظ اليوم أن المزيد من الشركات أصبحت تدرك مزايا تلك البيئات الافتراضية التي تسمح لهم باكتساب مكانة وشهرة عالمية خارج مناطقهم الجغرافية ويمكنها أن تغيّر أسلوب عملهم بشكل ملحوظ.  

وكما هو الحال في جميع التقنيات الحديثة، فإن انتشار الميتافيرس سيعتمد على طلب المستخدمين، إذ إن تطور أنماط الإنفاق المرتبطة بالواقع الافتراضي والواقع المعزّز أصبحت أكثر تعقيدًا وأكثر  ارتباطًا بحياتنا اليومية ولهذا يمكننا الافتراض بأن هذا التوجه سينمو بشكل متواصل.  

هناك مجموعة واسعة من الشركات في العالم الواقعي التي أصبحت تعمل في هذا النطاق الافتراضي وتستفيد من مكانة علامتها التجارية في التفاعلات عبر الإنترنت للوصول إلى جمهور جديد وتؤثر على مجموعات أوسع من العملاء المحتملين. وقد رأينا مؤخرًا عددًا من الفعاليات التي أقامتها مجموعة من تلك الشركات العالمية مثل ماستركارد وكوكا كولا وغوتشي ولوي فويتون وغيرها.

وفي الوقت الراهن، تقوم هذه الأنشطة والفعاليات على مفهوم التلعيب gamification  والذي يمنح المستخدمين مكافآت افتراضية مقابل الملابس أو المنتجات من العالم الواقعي، وتعطيه فرصة الحصول على العملات الافتراضية التي يمكن استبدالها بالأموال الفعلية أو بشيء آخر.  

أما فيما يتعلق بشركات الخدمات المالية وصرف العملات الأجنبية، فإن السؤال يكمن في كيفية الاستفادة من هذه البيئة الافتراضية لتعزيز التجارب التي يعيشها المستخدمون في العالم الواقعي. 

يكمن الجواب الواضح والفوري في العملات المشفّرة، فعلى الرغم من الاضطرابات التي شهدتها أبرز العملات في السوق مؤخرًا، ومنها بيتكوين، فما زالت تحظى بثقة بين المستهلكين الشباب. وإذا تمكنت شركات الخدمات المالية من إيجاد طرق لتقديم الخدمات الافتراضية بالعملات المشفرة إلى جانب نقاط التواصل في العالم الواقعي وتقديم الدعم الملموس مدعومًا بعلامة تجارية ذات مكانة راسخة في المجال، فإن الشركات التي تتبنى هذا التوجه في مرحلة مبكرة ستتمكن من جني الثمار في المستقبل.  

وهذا يقودنا إلى سؤال آخر، فكيف سيسير الأمر على أرض الواقع؟ أشار البعض إلى أن الحوالات النقدية أو العملات المشفرة التي ترسل إلى الأقارب والأحبة في الخارج يمكن ربطها رقميًا عبر محادثة فيديو على الإنترنت أثناء إجراء الحوالة، مما يمنح العملاء أفضل ما تقدمه الحلول التقنية وشبكات البنية التحتية المادية للتواصل.  

ولكن لا شك في أن الأمر سيتضمن العديد من التحديات، فالأمر سيتطلب الاستثمار في المجال المالي الرقمي دون وجود سجلّ ملموس للإنجاز ليكون بمثابة مقياس نموذجي – وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تجنب الشركات لهذه المخاطر أو تفضيلها للانتظار ومعرفة النتائج.  

أما المشكلة المحتملة الأخرى فترتبط بالميزة التي تستقطب اهتمام الكثير من المستثمرين، وهي عدم مركزية تلك العملات. قد يسبب ذلك مشاكل تنظيمية ربما تبطئ وتيرة النمو في الميتافيرس وتتسبب في تردد عدد من الذين يفضلون التعاملات المصرفية بالطرق القديمة. 

تواجه المصارف المركزية والحكومات حول العالم صعوبات جمة في فرض الأنظمة على أمور لا يفهمها الكثير من المستهلكين أو يتقبلونها. ويعني ذلك أهمية عنصر التثقيف المتعلق بالخدمات المالية في الميتافيرس – وهو بالطبع أمر لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها بل يتطلب المزيد من الاستثمارات.  

ولكن هناك مزايا أخرى – منها الموقع. تفخر دولة الإمارات بمنظومتها ذات الفكر التقدمي حيث بدأت العديد من الشركات في الإمارات بقبول العملات المشفّرة ضمن خيارات السداد لديها مقابل مجموعة كبيرة من السلع والمنتجات والخدمات بما فيها منتجات مرتفعة السعر كالسيارات والمنازل، ونحن محظوظون بالتواجد في حاضنة متقدمة لقطاع الخدمات المالية في منظومة ميتافيرس. 

لا يزال الوقت مبكرًا وهناك العديد من المشاكل والتحديات التي ينبغي حلها والتعامل معها، ولكن الواضح أن هذه التقنية تتمتع بإمكانات واعدة لتحوّل القطاع نحو الأفضل

وسترون إن كنت محقًا خلال 10 سنوات.  

قم بإنشاء حسابك الآن

قم بإنشاء حسابك الآن اشترك الآن للبقاء على اتصال بالنظام البيئي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والوصول إلى المحتوى الحصري وأخبار السوق واكتشاف المبادرات وذلك لإطلاق العنان للآفاق والفرص.

قد يعجبك ايضا