رأي: قطاع تكنولوجيا التعليم أمامه طريق طويل ليقطعه قبل أن يثبت نفسه

رأي: قطاع تكنولوجيا التعليم أمامه طريق طويل ليقطعه قبل أن يثبت نفسه 

الإمكانات الحقيقية لتكنولوجيا التعليم تبقى غير مستغلة.

إن الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر وآراء هذه المنصة.

إن قطاع تكنولوجيا التعليم (EdTech)، أو على الأقل النسخة الحديثة منه، متواجد منذ أن أصبحت أجهزة الكمبيوتر الشخصية في متناول الجمهور في التسعينيات.

بصفتي من جيل الألفية حيث نشأت في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن أقدم ذكرياتي عن تكنولوجيا التعليم هي عن لعبة كمبيوتر تم تعريفنا عليها أثناء حصة تكنولوجيا المعلومات خلال مرحلة المدرسة الابتدائية. وفي حين لا يسعني تذكر اسم تلك اللعبة، فقد كانت مصممة على هيئة عالم خيالي من القرون الوسطى مع الفرسان والحيوانات الناطقة والتنانين. وكطفل مغرم بالرسوم المتحركة وألعاب الفيديو المليئة بالإثارة، فقد كانت جاذبية هذه اللعبة لا تقاوم بالنسبة لي ولأقراني.

حيث كانت اللعبة تسمح بالتقدم خلال القصة التي تعرضها من خلال إنجاز عدد من المسائل اللغوية والرياضية - تحديات صغيرة من شأنها اختبار مهاراتك في الترقيم والتهجئة وقواعد النحو ومهارات الحساب الأساسية. وعندما كنت في السابعة من عمري، أعطتني هذه الألعاب متنفسًا لتطبيق المعلومات التي كنت أتعلمها في المدرسة بطريقة ممتعة ومثيرة، ولتحصيل المعارف التي قد تبدو مملة أو بلا معنى للكثيرين ممن هم في مثل عمري. لقد قمت أنا وبعض الأصدقاء بالبحث عن طرق للعب تلك اللعبة خارج حدود المدرسة فكنا نلعبها أثناء زياراتنا المنزلية.

 

ذروة عصر شاشات الـ CRT والأقراص المرنة  (ترجمة التعليق أسفل الصورة)

وبالنظر إلى الوراء، فقد أدركت أنه على الرغم من أن هذه اللعبة خدمت الغرض منها جيدًا، إلا أنها لم تكن سوى منتج تكميلي - حيث ساعدت في تعليمي، لكنها لم تستطع أن تحل محل المعلم أو الفصل الدراسي.

وبالنظر إلى زمننا هذا، أي بعد أكثر من عشرين عامًا، فلا يزال هذا الاستنتاج نفسه ساريًا. فعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في حقل تكنولوجيا التعليم، لا تزال هذه الأدوات تستخدم بهدف أن تكون مكملة لتجربة التعليم الأساسي.

وبشكل عام، فقد أصبحت هذه التقنيات أكثر انتشارًا وبأسعار معقولة، ولكنها مع ذلك ما زالت غير معتمدة بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث كان هذا الأمر واضحًا أثناء جائحة كوفيد 19.

وقد أثبت الوباء وعمليات الإغلاق اللاحقة أنه يمثل تحديًا كبيرًا للطلاب من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر. وبالتالي كان على قطاع التعليم، مثله مثل قطاعات كثيرة غيره، أن يشرع في التحول الرقمي الذي لم يكن جاهزًا له بالمرة: فلم تكن البنى التحتية موجودة في العموم، ولم يكن لدى غالبية المعلمين الخبرة السابقة في التدريس عبر الإنترنت أو باستخدام أدوات التعليم الرقمي، كما عانى الطلاب من النقص في التفاعل الاجتماعي، سواء أكان ذلك مع معلميهم أو مع زملائهم. حيث أدت كل هذه العوامل إلى تراجع الطلاب بالنسبة لمناهجهم الدراسية وتعلمهم، مما وضعهم في وضع غير موات بشكل كبير عند التقدم أكثر في فصول أنظمة التعليم الأساسي اللاحقة (من رياض الأطفال وحتى الصف 12) والتعليم الجامعي.

وبالنسبة لشركات تكنولوجيا التعليم، فقد مثلت هذه الأزمة فرصة مثالية لإدخال هذا القطاع أخيرًا ضمن الاتجاه السائد للتعليم، مما برهن لقطاع التعليم التقليدي أن وقت التحول الرقمي قد حان الآن. وقد بادرت حلول تكنولوجيا التعليم القديمة والجديدة بتقديم يد العون في هذه العالمية بدرجات متفاوتة من النجاح.

وكما هو متوقع، فقد تمكنت أفضل المدارس المرموقة من تزويد موظفيها وطلابها بأفضل الأدوات في هذا النظام التعليمي الجديد والأجنبي. أما المدارس والأقطار الأخرى في المنطقة فلم تكن ناجحة بالقدر نفسه، حيث عانت إما من سوء شبكات الاتصال أو قدم التكنولوجيا أو ضآلة الميزانيات. وفي حين أنه من الرائع أن نتخيل أن كل مؤسسة تعليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت قادرة على تقديم رأس المال اللازم لشراء الأجهزة اللوحية وسماعات الواقع الافتراضي الخاصة بالرأس وجوانب التعلم الأخرى، فنحن نعلم أن الحقيقة لم تكن سوى شيء آخر. فقد كانت النتيجة ركودًا عند الطلاب الذين كانوا متأخرين أشهرًا إن لم يكن بضع سنوات عن أقرانهم في المدارس أو الأقطار الأخرى، مما شكل سابقة كارثية لدخولهم إلى سوق العمل في نهاية المطاف.  

لكن المثير للسخرية هو أنه على الرغم من وجود كل هذه الأدوات التي يُفترض أنها رائدة، حتى في العديد من المؤسسات التعليمية المرموقة، فإن معظم المدارس في الواقع "كان استخدامها ضئيلًا جدًا للتقنيات الناشئة مثل المعلمين المتكيفين، والدورات المفتوحة عبر الإنترنت، والواقع الافتراضي، أو الذكاء الاصطناعي."، وفقًا لما لاحظه خبير التعليم جاستن رايش الذي أكمل قائلًا: "في الغالب، اعتمدت المدارس اثنتين من أقدم تقنيات التعليم الرقمي لدينا: أنظمة إدارة التعلم ومؤتمرات الفيديو."

ولصدمة الجميع، فقد كان الأبطال الحقيقيين الذين غذوا قطاع تكنولوجيا التعليم هم أمثال Zoom و Microsoft.

ويمثل هذا الواقع فرصة تعليمية لشركات تكنولوجيا التعليم التي تقوم بتطوير حلول جديدة وتعديل الحلول الراهنة، حيث رأينا أنه عندما جد الجد، فقد كانت الحلول القائمة على الخدمات الأساسية أكثر أهمية بكثير بالنسبة لقطاع التعليم من الحلول الابتكارية.

من كان يتوقع أن تصبح شركة مؤتمرات بالفيديو الوجه الفعلي لتقنية التعليم أثناء الوباء؟

وبشكل عام، فإن الرسالة المستفادة بالنسبة لقطاع تكنولوجيا التعليم هي أن الحلول الجديدة يجب أن تكون شاملة، وقابلة للوصول إليها، ومتوفرة بأسعار معقولة، والأهم من ذلك أن تكون فعالة. فقد تسبب تفشي كوفيد 19 في خروج ما يقرب من 100 مليون طالب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من مدارسهم بسبب الإغلاق القسري. بالتالي فلدى شركات تكنولوجيا التعليم الفرصة لرفع مستوى السرعة ومساعدة المدارس على تحسين مناهجها وأنظمتها في المستقبل لتجنب تكرار تلك الأزمة.

وفي الوقت الذي استغرقت فيه معظم هذه المقالة في تسليط الضوء على دور ومسؤوليات شركات تكنولوجيا التعليم، فمن المهم التذكير بأن المدارس عليها أن تعمل بجد أيضًا. فلا يمكن لقطاع تكنولوجيا التعليم أن يلبي مطالبها إلا من خلال التلاقي عند منتصف الطريق ... فهم بحاجة إلى الاشتغال من ناحيتهم أيضًا، سواء كان ذلك من خلال تحسين مهارات معلميهم، أو السماح بالاعتماد على الحلول التقنية وأدوات التدريس الإبداعية الأخرى في مناهجهم الدراسية وما إلى ذلك.

وكما قال رايش، "لن تعمل التكنولوجيا على تطوير مدارسنا، ولكن تطوير مدارسنا قد يمهد الطريق لاستخدامات قوية للتكنولوجيا."

ومن المؤكد أن قطاع تكنولوجيا التعليم سيشكرهم على ذلك.

قم بإنشاء حسابك الآن

قم بإنشاء حسابك الآن اشترك الآن للبقاء على اتصال بالنظام البيئي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والوصول إلى المحتوى الحصري وأخبار السوق واكتشاف المبادرات وذلك لإطلاق العنان للآفاق والفرص.

قد يعجبك ايضا